نهر البارد:مخيم للمذبحة!!بسام الكعبي/ إعلامي- رام الله المحتلة

نهر البارد:مخيم للمذبحة!!

بسام الكعبي/ إعلامي- رام الله المحتلة

bfeature2000@yahoo.com

نالت النكبات المتواصلة من ملامحها، وبدت قسماتها قاسية رغم رقتها، فيما تساقط الغضب من عينيها وبدت منهكة ذابلة.. مشهد لمسنة فلسطينية خارت قواها فوق مقعد بلاستيكي متواضع، تلقفه ثلاثة من أحفادها أثناء مغادرتهم القسرية مخيم نهر البارد تحت وقع الرعب ونظراتهم المرتبكة..حمل المشهد المؤلم صورة فوتوغرافية صحافية أطلت منها بالأبيض والأسود عجوز تغادر مخيمها المحاصر على أطراف مدينة طرابلس شمالي لبنان. خطفت الكاميرا المحترفة الملامح المتعبة للسيدة الفاضلة ورصدت بمهنية عالية، لكنها مؤلمة، جموع اللاجئين أثناء فرارهم الجماعي من المخيم المخنوق بالدبابات والعداء.. وتركتنا نحن القراء والمراقبين فريسة للحزن وحيرة السؤال عن مصير ثلاثين ألفاً في المخيم المهدد بالتدمير والخراب.

كم مرة غادرت هذه اللاجئة المسنة مسكنها المؤقت في المخيمات والضواحي المتعددة؟ كم مرة عانت من ويلات الحروب والصراعات المذهبية والطائفية والطبقية في لبنان بعناوينها المزيفة؟ الحقيقة الثابتة أنها اضطرت للهجرة القسرية من شمال فلسطين المحتلة إلى مخيمات الجنوب اللبناني وإلى وسطه ثم إلى شماله تحت ضغط المجازر الدامية المتواصلة عبر سنوات طويلة وبهويات مختلفة بدءاً من انفجار النكبة مروراً بالاجتياحات الاسرائيلية المتكررة وليس انتهاء بحروب أطراف الصراع الرئيسة، ثم اشتباكات تحالف المعسكر الواحد وحتى صراع الفصيل الواحد وانقسامه وعنف جنونه..أخيراً استقرت بعيداً في شمال لبنان لعلها تنعم بقسط متواضع من الراحة قبل أن تخلد لراحتها الأبدية في المنفى بعيداً عن الجليل.

حكاية المسنة الهاربة من جحيم نهر البارد التي شاهدتها تفر من أمامي على ورق الصحف، تفتح ملف المخيمات العالقة منذ ستين عاماً على مصراعيه في الوطن والشتات وخاصة في لبنان. الحكاية تؤكد صعوبة، بل استحالة توطين اللاجئين في لبنان بسبب حساسية تركيبته الطائفية وتوازنها التاريخي المبرمج ، وأيضاً وهذا هو المهم: اصرار اللاجئين على حقهم بالعودة الى بلادهم وقراهم المدمرة في فلسطين وفق قرارات الشرعية الدولية، وهو أمر بات لا مفر منه اذا رغبت القوى الدولية المهيمنة ضمان استقرار نسبي في المنطقة وايجاد حلول سياسية متوازنة تحسب بدقة مصالح الاطراف المتصارعة..وحتى يحين تطبيق القرارات الدولية وايجاد آليات فعالة تفرض على الكيان الاسرائيلي الاستجابة للشرعية الدولية وتنفيذ قراراتها المعلقة منذ زمن، لا يعقل أن يظل المخيم عرضة للقهر والتنكيل ويعيش لاجئوه تحت سيف القتل والمذبحة المتواصلة سواء في لبنان والعراق وغزة وغيرها..حان الوقت لتجنيب اللاجئين لعنة الفرار المتواصل تحت سياط النار من مكان الى آخر وضمان حقهم بالعودة!!

أضف تعليق