السلام الوطني

بفكر حسين راشد
ماذا تعني كلمة سلام؟
في اللغة العربية لا تأتي مفردة إلا و لها معنى و مغزى محدد . و قد تكون هناك أكثر من مرادفة لشيء نعتقد أنه هو ذاته و لكننا سنكتشف أنها تعبر عن حالة مغايرة عن الحالة التي نستخدم فيها المفردة الأخرى, وقد تعني نفس الكلمة في سياق جملة أخرى معنى مختلف .
و إذا كنا نتكلم اليوم عن السلام فيجب علينا أن نعرف من أين أتت الكلمة و ماذا تعني:-

أولاً: تعريفه في اللغة: السلام لغة: اسم مصدر من سلَّم يسلِّم تسليما ، كالكلام والطلاق ، وهو بمعنى النجاة والتخلص مما لا يُرغب فيه ، يقال: (سلم من الأمر) إذا نجا منه ، وهذه المادة (السين واللام والميم) تفيد معنى التخلص من الآفات والنجاة منها ، فهو بمعنى السلامة ، وكذا ما اشتق من هذه المادة فهو يدل على هذا المعنى ، ومن ذلك السُّلَّم: وهو ما يتوصل به إلى الأماكن العالية؛ لأن الصاعد عليه أو النازل يرجى له السلامة به ، ومن ذلك أيضًا: السِّلام: وهو الحجارة الصلبة؛ سميت بذلك لسلامتها من الرخاوة فتكون بذلك أبعد شيء في الأرض من الفناء والذَّهاب ، لشدتها وصلابتها.
ثانيا: تعريفه في الشرع: يُطلق لفظ (السلام) في النصوص الشرعية ويراد به عدة أمور ، ترجع كلها- عند التأمل- إلى معنى مادة الكلمة ، وهو البراءة من العيوب ويراد به الصلح والمهادنة ، وضده الحرب
فماذا نعني بجملتنا السلام الوطني.. علينا أن نعرف ماذا يعني الوطن أيضاً كي يتم تعريفنا على الشكل الكامل,
في لسان العرب الوطن : المنزل تقيم فيه ، وهو موطن الإنسان ، ومحله يقال : أوطن فلان أرض كذا ، وكذا أي اتخذها محلاً ومسكناً يقيم فيه (1) . وقال : الزبيدي : الوطن منزل الإقامة من الإنسان ، ومحله وجمعها أوطان (2) .
أما في الاصطلاح :
1. عرف الجرجاني الوطن في الاصطلاح بقوله : الوطن الأصلي هو مولد الرجل ، والبلد الذي هو فيه (3) .
2. وعند الرجوع إلى كتب المعاجم ، والموسوعات ، وخاصة السياسية منها نجد أنها لا تختلف عن المعنى اللغوي
(أ‌) ففي المعجم الفلسفي يقول : الوطن بالمعنى العام منزل الإقامة ، والوطن الأصلي : هو المكان الذي ولد فيه الإنسان ، أو نشأ فيه
و حينما نجمع السلام مع الوطني هذا يعني لنا أن يصبح بيتنا الذي نعيش فيه أي كان منزل أو شارع أو قرية أو مدينة أو بلد في تناغم و في حالة من الأمان الداخلي.
إذن فالسلام الوطني يعني الأمان الأسري و العائلي و القومي في العموم.
فكيف سيأتي هذا السلام؟
يأتي حينما تصفو نفوسنا إلى بعضنا البعض .. و أن نعرف أن لدينا بالفعل عدو يتربص بسلامة أمننا الداخلي و زعزعته كي يستطيع التوغل بحرية داخلنا .
و علينا في هذه المرحلة الصعبة على بلادنا أن نعي خطورة هذا التوتر الداخلي الذي يحمل نعرات العداء و عدم السلام و الأمن الداخلي لوطننا.
و بما أن السلام هو الحالة المضادة للحرب فماذا يعني لنا سوى أن نخمد نيران هذه الحروب في داخلنا و نستيقظ من الفتن التي تدس بيننا لتحطيمنا .و هذا لا يعني أبدا أن أتسامح في حق يمكن رده بل السلام هنا يعني إعادة الحق لصاحبه لا أن نفرط في حقوقنا . وهل تأتي الحروب إلا من انتزاع الحقوق!؟
قد تكون تلك المقالة بداية لسلسلة مقالات أخرى لنبسط أفكارنا أمام القارئ الواعي لمثل هذه المقالات , علنا نستطيع عن قريب أن نوجد هذا السلام الوطني لنعزف له النشيد الوطني .. بلادي لك حبي و فؤادي .. و هو أيذاً ينعت بالسلام الوطني.

أضف تعليق