يدعم عباس ولا يتردد بدعم جهود المصالحة في “جمهورية حماس”شاكر الجوهري

يدعم عباس ولا يتردد بدعم جهود المصالحة في “جمهورية حماس”

الأردن يرفض طلبا بتقديم دعم عسكري لـ “فتح” تقدم به دحلان

 

عمان ـ شاكر الجوهري:

حسم المواجهة عسكريا لصالح حركة “حماس” في قطاع غزة ضاعف من القلق الرسمي في الأردن، حيال تبعات هذا الإنتصار اردنيا، كما يتبدى من التصريحات الرسمية الأردنية التي فوجئت تماما بالكيفية التي انتهت إليها المعارك، على النقيض من توقعاتها.

وقد تركزت افكار ومخاوف الأردن الرسمي في محورين رئيسين:

الأول: يتعلق بتبعات الإنتصار الحمساوي على المعادلة الديمغرافية الأردنية، ومستقبل معاهدة السلام الأردنية ـ الإسرائيلية.

الثاني: انعكاسه على نتائج الإنتخابات البرلمانية التي لم يتحدد موعدها بشكل نهائي بعد، نظرا لتلكؤ سابق يتعلق بفكرة اجرائها اصلا.

فيما يتعلق بتبعات الإنتصار الحمساوي على المعادلة الديمغرافية الأردنية، ومستقبل معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، يمكن التوقف أمام:

· المعادلة الديمغرافية:

هنالك مخاوف اردنية رسمية حقيقية من أن تؤدي مستجدات الحدث الفلسطيني إلى حدوث نزوح فلسطينيي من الضفة الغربية باتجاه الأردن نظرا لاحتمال انتقال العنف من قطاع غزة إلى الضفة، وهو ما لاحت بواكيره منذ الآن.

هذا النزوح متوقع، ليس فقط في حالة اندلاع عمليات عنف واسعة النطاق في قتال بين “حماس” و”فتح” في الضفة الغربية، لكنه متوقع كذلك في حالة اندلاع صراع بيني داخل حركة “فتح” ذاتها في الضفة الغربية. وهذا الأمر للأسف، أكثر من متوقع..صراع بين الرئيس وكل من العسكر واللجنة المركزية لـ “فتح”، والتنظيم.

وإذا وضعنا في الإعتبار أن دولة غزة، هي هدف نهائي لإسرائيل، وأن الضفة الغربية هي مشروع لمواصلة القضم الإسرائيلي، فإن عنفا احتلاليا أكثر شراسة، في إطار عملية القضم المتسارع، ستؤدي إلى هجرة ونزوح قسري باتجاه الأردن.

وستزداد حالة النزوح اتساعا إذا ما تعرضت معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل للضعضعة، والإهتزاز، مع تواصل بناء الجدار العازل الإسرائيلي الذي يتلوى داخل الضفة الغربية، ويلفظ مواطنيها خارجا.

خلال الفترة السابقة للحسم الحمساوي في القطاع، كان هناك محللون في عمان يعتقدون بأن الحسابات الأردنية حيال مستقبل العلاقة بين الأردن وفلسطين، ربما تكون بدأت في الإتجاه صوب اقامة كونفدرالية أو فدرالية مبكرة بين البلدين، تكتفي بإعلان دولة فلسطينية مؤقتة، نصت عليها خارطة الطريق، دونما حاجة لإنتظار اردني لإقامة دولة فلسطينية دائمة، تترتب هذه الخطوة عليها.

بل هناك من ذهب حد الإعتقاد بأن الكونفدرالية (منصوص عليها في مقررات المجلس الوطني الفلسطيني دورة 1988، أو الفدرالية (كما دعا لها نايف حواتمة)، أو الخيار الأردني كما دعا له هاني الحسن، سيكون من بين مهماتها تحقيق احتواء مسبق للتيار الإسلامي في مجمل الأراضي الفلسطينية، قبل أن تنتقل عدواه لمحيطه الداخلي في فلسطين، والعربي في الأردن.

· تأجيل الإنتخابات البرلمانية:

قبل الحسم الحمساوي في غزة، كان هنالك في الأردن الرسمي من يبحث عن ذرائع يبرر بها تأجيل اجراء الإنتخابات البرلمانية في موعد استحقاقها المقرر اساسا قبل 22 حزيران/يونيو الجاري.

وكان يتم توظيف الفتنة العراقية، وعدم الإستقرار في الأراضي الفلسطينية، واحتمالات اندلاع حرب أهلية في لبنان، لتبرير التمديد لمجلس النواب الحالي.

لكن السبب الحقيقي لهذه الرغبة في التأجيل والتمديد تكمن حقيقة في عاملين رئيسين:

الأول: عدم الإيمان بالديمقراطية الحقة من قبل من يطالبون بذلك.

يجدر في هذا المقام التنويه إلى أن هؤلاء يبررون طلبهم تأجيل الإنتخابات بعدم معقولية إجراء الإنتخابات في ظل ظروف استثنائية، كي لا يفوز التيار الإسلامي بالإنتخابات. مع أن الأصل هو إجراء انتخابات يختار الشعب فيها ممثلوه الذين يناسبون المرحلة الراهنة، ما دام لكل زمان دولة ورجال..!

لكن أصحاب وجهة النظر هذه يريدون أن يظل رجال المرحلة السابقة يمثلون الشعب في المرحلة اللاحقة..!

الثاني: رغبة النواب الحاليين في البقاء في مواقعهم، لأنهم ضامنون عدم فوزهم في الإنتخابات المقبلة، كما هو حال كل انتخابات جديدة في الأردن، حيث اعتاد الرأي العام استبدال قرابة ثلثي المجلس السابق، بعد أن يكونوا أدوا بأمانة وإخلاص منقطعا النظير واجب الولاء في تمثيل الحكومات..!

ورغبة النواب لا تقل عن رغبة الحكومات ذاتها، خاصة حين يكون المجلس المراد التمديد له مطواعا إلى الحد الذي بلغه المجلس الحالي، الذي تفوّق في مطواعيته على كل المجالس السابقة دون استثناء.

آخر ما تفتق عنه ذهن المطالبين بالتمديد والتأجيل هو المطالبة بالتمديد للمجلس الحالي ولو لسنة واحدة تحت عنوان “أعطني سنة لأضمن انتخابات تحقق سيرورة انتخابية طبيعية”، وعلى نحو “يعفي الحكومة والمرشحين والناخبين على حد سواء من تأثيرات دراما الصراعات الملتهبة بجوار الحدود الأردنية”.

مثل هذه النصائح تقدم لرئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت، الذي يكتفي بالإستماع لها دون التعليق، ما دام قرار الإنتخابات في نهاية المطاف هو قرار ملكي، بحكم الدستور.

مقابل هذا الطلب بالتأجيل، هنالك نواب، مع أنهم قليلون، يطالبون بالتبكير..!

وجهة نظر هؤلاء، وهم من النواب القلة الذين يضمنون العودة لمجلس النوب المقبل، هي أن التفاعلات المقبلة ستكون أكثر عنفا مما جرى حتى الآن. وعلى ذلك، فإن إجراء الإنتخابات الآن هو الأفضل، قبل أن تزداد تأثيرات الخارج المجاور على الداخل الأردني.

من هؤلاء النواب الدكتور ممدوح العبادي، المهندس سعد هايل السرور، والمهندس خليل حسين عطية.

في حين يرى المهندس عزام الهنيدي رئيس كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي “إن أي تأجيل للإنتخابات، وتحت أي مسوغ لن يكون مقبولا أو مبررا”.

ومع ذلك، فالحكومة التي تلتزم الصمت، تضع كل الإحتمالات على الطاولة، فهي تريد تأجيل اعلان موعد اجراء الإنتخابات حتى آب/اغسطس المقبل، على أن يكون الموعد في أواخر تشرين ثاني/نوفمبر المقبل. ومن الآن، وحتى آب/اغسطس هناك فرصة زمنية كافية يمكن التقرير خلالها أن المناسب، بل الأنسب، هو تأجيل الإنتخابات..!

· الرؤية الرسمية

تبقى الرؤية الأردنية الرسمية لما جرى في غزة..

ابتداء، يشعر الرسميون الأردنيون بأن اسرائيل قد نجحت في تحقيق ما تريد. “فالإسرائيليون لم يكونوا في موقع من يريد غزة، ولطالما خططوا للتنازل عنها، طالما أن البحر يأبى الإستجابة لرغبة رابين بابتلاعها، وها هم يحققون الآن ذلك من دون أن يدفعوا ثمنا في الضفة الغربية”. و”في الوضع الراهن اسرائيل هي الفصيل الأقوى في الضفة، وتستطيع أن تفرض ما تشاء من الشروط”. ثم إن ما يجري “ليس نهاية حلم السلام فحسب، وإنما ضياع القضية الفلسطينية، كما يرى الأردن على المستوى الرسمي، اذا لم ينتفض النظام العربي لإنقاذ غزة”..!

ولكن، كيف يمكن لانتفاضة النظام العربي أن تحقق ذلك..؟
الأردن سيقف في فلسطين “إلى جانب الشرعية ممثلة بالرئيس محمود عباس، لكنه لن يتردد في دعم جهود المصالحة في “جمهورية حماس” في غزة شرط، تخلي الأخيرة عن كافة الإجراءات الإنقلابية التي اتخذتها بحق المؤسسات الرسمية مؤخرا”.
و”سيراقب الأردن بحذر التطورات في الضفة الغربية نظرا لحساسيتها الخاصة على الأمن الأردني. ومنذ الآن لا تبدو القيادة السياسية مستعدة للإستماع لأي افكار بشأن دور أمني اردني في الضفة الغربية، في حال تصاعد الموقف هناك.

بل هناك من يقول أن محمد دحلان في طريقه إلى رام الله، التي وصلها من القاهرة عبر عمان، سعى لطلب دعم عسكري اردني لمواجهة “حماس”، فسمع رفضا صريحا، لا يقبل التأويل.

وبالتساوق مع ذلك، تطالب بعض الأوساط الأردنية بتشديد الإجراءات على الجسور لمنع اسرائيل من تسفير الفلسطينيين إلى الأردن، ولكن مع التوسع المقابل في ارسال المساعدات الإنسانية اذا ما اقتضت الحاجة.

بالتزامن مع ذلك، هناك رسميون اردنيون يرون أن “انقلاب حماس” في غزة أحرج القوى المؤيدة لها في الأردن، وأربك خطابها السياسي الداعي لتداول السلطة سلميا، ودمج الحركات الإسلامية بالعملية الديمقراطية, وفي ذلك دعم كبير لمن يعتبر الحركات الإسلامية خطرا على الديمقراطية ينبغي مواجهته في سياق عملية الإصلاح.
ويرى هؤلاء أنه “من الناحية التكتيكية, اللحظة مناسبة اردنيا لاستثمار حالة الإرتباك الحاصلة لإجراء انتخابات نيابية “آمنة” تحصن الجبهة الداخلية في مواجهة حالة الفوضى المقبلة على المنطقة، وتعطي الأردن القدرة على صد محاولات لا بد قادمة لتصفية القضية الفلسطينية على حسابه”.

أضف تعليق