شرعية المقاومة خير وأزكى للجميع//بقلم:سري سمور-جنين

في سبيل الوحدة والخلاص

شرعية المقاومة خير وأزكى للجميع

بقلم:سري سمور-جنين

سألني بعض الأصدقاء والقرّاء عبر رسائل ومكالمات وأحاديث مباشرة عن سرّ امتناعي عن الكتابة حول الأحداث المتسارعة والصاخبة على الساحة الفلسطينية ،وهل قررت في هذه الظروف أن أضع قلمي في ثلاجة الاعتكاف والصمت؟! أم هل بت أؤمن بلا جدوى الكتابة أساسا؟ليس الأمر ما توقعوا أو خمنوا ولكن أنا أيضا لاحظت أن بعض الإخوة من الكتّاب لاذوا بالصمت ،وأخبرني أحدهم أن لديه مقالا يتحفظ على نشره في الظروف الحالية كي لا يساء الفهم ،في وقت أحوج ما نحتاج إليه هو الفهم والفهم ثم الفهم!وأنا أفضل أو فضلت التريث قبل إطلاق الأحكام وشعرت أن صوت الرصاص بات أعلى من صريف الأقلام ،على الأقل خلال الأيام الماضية،ومن خلال كثير مما قرأته للعديد من الكتاب الذين أحترمهم وإن اختلفت معهم في كثير أو قليل مما كتبوا عما يجري ،فقد لاحظت أن التصنيفات للآراء هي إما الاصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك أو حرص البعض على الإمساك بالعصا من منتصفها أو بث روح اليأس وأن لا خير في هذا وذاك،وعلى شعبنا السلام ،وشخصيا وبكل تواضع أقول هناك صنف لم أجده سأعتبر نفسي مؤسسا له ،وبكل تواضع أعد من سألوني أن أجعل قلمي فيما تبقى لي من عمر ناقدا وناصحا ومحاولا الغوص في بحار الأحداث على قدر ما يمكنني المولى سبحانه وتعالى ،وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.

أما التصنيف الذي لم أجده وليعذرني من كان منه ولم أستدل عليه،لقصور في فهمي لما كتب أو كتبوا أو لأنه لم يقع تحت عيني،وهما عينا بشر في النهاية ،لهما حدود في النظر؛هذا التصنيف هو محاولة توجيه البوصلة نحو الشرعية الأزكى والأطهر والكفيلة بجمع الجميع حول الهدف الأسمى…الحرية.

كثر الجدل وغرقنا جميعا في تأويلات النصوص وأصبحنا بحاجة إلى أساتذة القانون ليبينوا لنا ما الصواب وما الخطأ وعندما أطل هؤلاء علينا عبر شاشات الفضائيات التي باتت متخصصة بخلافاتنا لا باحتلالنا من الغريب،زادوا من حيرتنا لأنهم أذكى وأكثر حذرا من أن يفضلوا زيدا على عمرو،وأصبح النقاش الذي انتقل إلى البيوت والشوارع ووسائل النقل حول الفقرة الفلانية من القانون الأساسي وماذا تعني وما الذي يجوز بناءا عليها،وكأن مجتمعنا بأسره بات أفراده طلبة في القانون الدستوري!

حكومة هنية هي الشرعية…لا بل حكومة فياض…لا ربما واحدة شرعية في غزة والأخرى شرعية في رام الله…ودخلنا في هذه الدوامة واستحضار النصوص وتأويلها وتأويلها المضاد،ربما كان الدكتور حسن خريشة نائب رئيس المجلس التشريعي في الضفة الغربية مميزا فيما طرح بأن حكومة هنية غير شرعية وحكومة الطوارئ غير قانونية وأن الشرعية فقط لرئيس السلطة و البرلمان(التشريعي)،وقد قال أبو اللطف كلاما مشابها،وهي مواقف لا تبتعد عن موقف الجامعة العربية ،و لا تبتعد كثيرا عن حالة الاصطفاف أو بمعنى أدق لا تخرجنا من الجدل نحو ما يجب أن نتجمع حوله ،وأقصد بوضوح الحرية والانعتاق من الاحتلال.

الشرعية الأزكى والأطهر هي شرعية المقاومة ،نعم،فهي الشرعية التي وحدتنا بدماء الشهداء من كل فصائل العمل الوطني،وطهارة دماء هؤلاء الأعظم منا نحن الأحياء ،وفي ظل عدم تحقيق الهدف الذي إليه سعى و يسعى له الجميع وانطلق بذريعته الجميع المتجادل أو المختلف أو المتصارع الآن وهو التحرر من الاحتلال.

وقد أثبتت هذه الشرعية طهارتها وقوتها مرارا فأنا من منطقة شهدت الاختلاف على البرامج ولكنها جسدت تآلف وتنسيق بل ومحبة أبن السرايا مع ابن القسام مع ابن الأقصى واختلط دم هؤلاء مع بعضه البعض راسما خريطة الوطن المكلوم المغتصب الملوث بالاستيطان والجدار والحواجز والحصار ،وقبورهم جوار بعضهم تذكرنا بتلك الأيام القريبة الجميلة رغم آلامها،القوية برغم بطش عدوها،المضيئة برغم ظلام وظلامية الآخر المتربص ،ورغم بعض الأمور المزعجة التي طال بعض رذاذها جنين فإنه وبإذن الله سيتم تجاوزها والعودة بمشيئة الله لتشكيل النموذج الذي تفاخر به جنين القريب والبعيد ليحذو حذوها.

شرعية المقاومة،شرعية دينية بنصوص واضحة،وشرعية وطنية تجمع تحت مظلتها المختلفين ،لا تنهي خلافاتهم ولكن لا تمنع تجمعهم من أجل هدف سام نبيل،شرعية تعيدنا للحديث عن درة تاج وطننا… القدس والمسجد الأقصى،وفي هذه المناسبة أعجز أو أخجل من توجيه أي كلمة للشيخ المرابط رائد صلاح،فإن قلت له شكرا سيقول:أتشكرني على واجبي الإسلامي والوطني؟!وإن قلت له سر ولا تيأس فهذا أمر مضحك فأهل العزم والهمم العالية لا يحتاجون لمثلي أو لغيري فهم يوزعون الهمم والعزائم ومعاني الرباط والصمود ودروس المحافظة والدفاع عن المقدسات على غيرهم،ولكن أقول للشيخ رائد صلاح:لقد كنت وما زلت نقطة مضيئة في وقت انتشر فيه الظلام ونسينا في غمرة الاختلاف والصراع أهم قضية لنا ،وكنت أنت وما زلت هناك في وجه الجرافات ومتحديا للمؤامرات،وفاضحا لخطط التدنيس المبرمجة،وقد اختفت أخبارك التي تصدرت لفترة شاشات الفضائيات والصحف ومواقع الإنترنت الإخبارية ،وحلت أخبار الاقتتال والجدل العقيم مكان أخبار الأقصى الذي قد نفيق ذات صباح لنجده قد انهار فيما نحن منشغلون بجدلنا حول القوانين وتصارعنا المخجل،وما ينطبق على الأقصى، ينطبق على الماء الضروري لحياتنا والذي بات شحيحا فيما المستوطنون الذين ابتلعوا الأرض ويهدر الواحد على حديقته فوق أرضنا المغتصبة ما يكفي لسد حاجة تجمع سكني كامل عندنا…فعن أي شرعية نتحدث؟شرعية المجلس التشريعي المعتقل حوالي ثلث أعضائه والعديد ممن بقي ينتظر السجن أو الشهادة؟أم عن شرعية المجلس الوطني الذي لا يمكننا جمع أعضائه إلا إذا تكرم علينا أولمرت ولن يتكرم؟أم عن شرعية الرئاسة ،فمشاهد حصار الرئيس عرفات وتدمير مقره في مبنى المقاطعة ماثلة في أذهاننا جميعا؟لعمري إنها لشرعيات لا تتحقق ولا حقيقة لها إلا بعد أن تحقق شرعية المقاومة هدفها وهو الحرية،واستعادة الحقوق،آن لنا أن نفيق وأن نعود إلى رشدنا وألا ننسى الخطر الذي يهدد وجودنا ويعبث بمستقبلنا،بل ويستغل خلافاتنا ويبذل كل جهد لتعميقها وإشغال بعضنا ببعضنا!

والشعب المقاوم أو الملتف بقواه حول شرعية المقاومة،بحاجة إلى المأكل والمشرب والملبس والمسكن وإلى التعليم والطبابة وكافة ما يلزم الحياة بل حتى إلى الترفيه،لا يجب تغافل هذا،ولكن أن يصبح هدف الجميع تولي مسئوليات هذه الأمور فهي الطامة الكبرى ورأينا النتيجة واستشعرناها،ولقد عشنا سنوات طويلة بلا سلطة بل تحت حكم الإدارة المدنية الإسرائيلية التي كان مخططها الاستراتيجي هو تفريغ الأرض من أهلها ،ونشر سياسة التجهيل وقتل روح التحدي ،وإخماد المشاعر الوطنية،ولكننا أبدعنا وجعلنا المحنة منحة،فخرجنا طلابا أبدعوا في جامعات العالم كله،وحافظنا على وجودنا وكينونتنا،وبقيت دماء بعضنا عزيزة علينا،رغم الخلافات هنا وهناك.

بكل تأكيد نحن بحاجة إلى من يدير لنا شئون حياتنا اليومية،لكن على فصائل المقاومة أن تتفرغ وأن تسعى لما هو أهم وألا تنزلق أكثر في هذه اللعبة،فقد رأينا ما حل بنا بسبب خلطنا بين إدارة شئون حياتنا اليومية وبرامجنا السياسية،وكيف أن لقمة عيشنا التي يتحكم بها عدونا باتت وسيلة ابتزاز ومساومة.

ومن أجل الوحدة التي يتغنى بها الجميع،وفي سبيل الخلاص الذي لا بديل عنه إلا الهلاك،على الجميع أن يجعل شرعيته هي شرعية المقاومة،فكل ما سواها من شرعيات-مع احترامي- لا فائدة منها وهي حبر على ورق في ظل وجود من يريد فرض شرعيته بالأباتشي والميركافاه والجدار والتهويد والاستيطان والسجون والمعتقلات التي يقبع بها آلاف من أبناء شعبنا وبناته…فهل يفيق الإخوة ويعودوا إلى تلكم الشرعية الناصعة؟!

،،،،،،،،،،،،،،

سري سمور

جنين-فلسطين

جمادى الثانية 1428هـ،حزيران 2007م

SARI_SAMMOUR@YAHOO.COM

http://sammour.modawanati.com

أضف تعليق