قطع العلاقات الدبلوماسية//للكاتب الدبلوماسي الدكتور سعيد أبوعباه

قطع العلاقات الدبلوماسيةhttps://i0.wp.com/www.assabeel.info/inside/images/14453_1.jpg

للكاتب الدبلوماسي الدكتور سعيد أبوعباه

      يعتبر قطع العلاقات الدبلوماسية من أهم أسباب نهاية المهمة الدبلوماسية وأكثرها شيوعاً، وحيث أن إقامة أية بعثة دبلوماسية دائمة يحتاج إلى اتفاقية بين دولتين, وقد نصت على ذلك اتفاقية فينا في مادتها الثانية: ” تنشأ العلاقات الدبلوماسية بين الدول وتوفد البعثات الدبلوماسية الدائمة بناء على الاتفاق المتبادل بينهما “. أما قطع العلاقات فيتم من طرف واحد, بالرغم من أنه يؤثر على بعثتين دبلوماسيتين. إذ أنه عندما يحصل قطع للعلاقات الدبلوماسية من خلال الاتفاق المتبادل فإن ذلك لم يكن بصيغة ” قطع ” ولكن من خلال قرار ودي بغلق بعثات الدول المعنية, وأن الاتصالات الدبلوماسية تستمر من خلال قنوات أخرى.

      وعملية قطع العلاقات الدبلوماسية تعتبر عملاً ” غير ودياً “, وليست مرتبطة بقاعدة خاصة, والسبب في ذلك يعود إلى أن الدولة تتمتع بكامل الحرية عند اتخاذها مثل هذا القرار ” الخطير جداً “, وعادة فإن اتخاذ مثل هذا القرار لا يتم إلا إذا رأت هذه الدولة أن ” مصالحها قد تضررت ” وأن هناك داعياً لقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى. وقد أصبحت في الوقت الحاضر من الحالات المتكررة, لا بل المعتادة.

ومن أهم ميزات هذا التدبير الخطير:

  1. أنه لا يعني حتماً أن الدولتان مقدمتان على الاشتباك في حرب بينهما, بل قد يقصد منه فقط تهديد الدولة الأخرى حتى تقبل بوجهة نظر معينة, وقد ذكره ميثاق الأمم المتحدة في عداد العقوبات التي قد تلجأ إليها المنظمة إزاء الدولة المعتدية.

  2. إنه نتيجة محتمة في حال نشوب حرب بين دولتين, أي أن الحرب تؤدي حتماً إلى قطع العلاقات الدبلوماسية, وليس العكس.

  3. إنه يعني أحياناً أن الدولة لا ترغب في متابعة صلاتها مع الدولة الأخرى حتى إشعار أخرى.

  4. إنه قد يحدث أحياناً بقصد المجاملة خدمة لدولة حليفة أو صديقة.

  5. أنه قد يحدث على أثر ” طرد ” ممثل دبلوماسي فيما إذا كان هذا التدبير موجهاً لا ضد الشخص الممثل بل عبثاً بكرامة دولته أو بغية وضع حد للعلاقات القائمة معها.

  6. أنه قد يحدث كموقف اجتماعي على أثر انتهاك القانون الدولي أو المطالبة باحترام القانون الدولي.

  7. أنه لا يؤثر في العلاقات القنصلية لأن لا علاقة لها بالشؤون السياسية بل يتناول اختصاصها الشؤون الاقتصادية والتجارية دون سواها, فقطع العلاقات القنصلية يستلزم نصاً صريحاً به وإلا فإن قطع العلاقات الدبلوماسية لا تستلزمه حتماً.

  8. أنه لا يؤثر على المعاهدات القائمة بين الدولتين, إلا في حالة نشوب حرب بينهما, فبعض العلماء يذهبون إلى تعليق المعاهدات حتى تحط الحرب أوزارها.

 
 

والأمثلة عديدة عن قطع العلاقات الدبلوماسية, نذكر بعضاً منها فيما يلي, ومنها تتضح الأسباب التي تؤدي إليها:

  • قطعت مصر والعراق علاقاتهما مع المانيا في عام 1939 تأييداً لبريطانيا الحليفة في ذلك الحين.

  • قطع الاتحاد السوفيتي علاقاته مع البرازيل في عام 1948 بسبب خلافات عقائدية استحكم أمرها.

  • قطعت إيران علاقاتها مع بريطانيا من 22 تشرين الأول 1952 إلى 5 كانون الأول 1953 في أعقاب الحوادث التي أدى إليها تأميم شركة النفط الانكلوايرانية.

  • قطع الاتحاد السوفيتي علاقاته الدبلوماسية مع استراليا من عام 1954 حتى عام 1959 بسبب لجوء أحد موظفي السفارة إلى السلطات الأسترالية ومنحه الحماية السياسية بعد أن اتهم باختلاس أموال السفارة.

  • قطعت الدول العربية ( باستثناء الجمهورية اللبنانية ) علاقاتها مع فرنسا بسبب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 في ذلك الحين.

  • قطعت الحكومة الإيرانية علاقاتها الدبلوماسية مع حكومة القاهرة عام 1960م كرد فعل لطرد رجال السفارة من القاهرة.

  • قطعت المملكة العربية السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع تركيا والمملكة الأردنية الهامشية بسبب اعترافهما بالجمهورية العربية السورية عام 1961.

  • الحرب التي اندلعت ما بين الهند والصين في عام 1962م.

  • الحرب الهندية الباكستانية في 1965, وكذلك في عام 1971.

  • الحرب التي اندلعت ما بين فيتنام والصين عام 1979م.

  • قطع العلاقات الدبلوماسية ما بين العراق وأمريكا وبريطانيا وفرنسا خلال العدوان العسكري عام 1991م.

  • قطع العلاقات الدبلوماسية ما بين عدد من الدول العربية وعدد من الدول التي اعترفت بإسرائيل.

  • قطع العلاقات الدبلوماسية ما بين المانيا الاتحادية وأي دولة تعترف بدولة المانيا الديمقراطية.

  • قطعت غانا علاقاتها الدبلوماسية مع بلجيكا بسبب السياسة التي انتهجتها في الكونغو عام 1960.

  • قيام الدول الاشتراكية بعد حرب 1967م بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل ما عدا رومانيا.

  • قطع العلاقات الدبلوماسية ما بين فرنسا وبريطانيا على أثر قيام فرنسا بإعدام لويس السادس عشر.

  • قطع العلاقات الصينية – السوفيتية نتيجة تدهور العلاقات التدريجي والنزاعات الأيديولوجية.

  • قطع العلاقات الدبلوماسية ما بين ألبانيا وعدد من الدول الاشتراكية.

  • أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار لها عام 1962م بقطع العلاقات الدبلوماسية مع جنوب أفريقيا.

  • قررت منظمة الوحدة الإفريقية عام 1965م بقطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية ما بين الدول الإفريقية والحكومة البرتغالية وجنوب إفريقيا.

  • قررت جامعة الدول العربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع مصر على أثر توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل في عام 1979م.

 
 

وهناك حالات عديدة من حالات تجميد العلاقات الدبلوماسية كدلالة على الاحتجاج, وتخفيض العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى قائم بالأعمال, واستدعاء رئيس البعثة للتشاور, وتخفيض عدد أعضاء البعثة من قبل الدولة المعتمدة, واستدعاء الطاقم بدون قطع العلاقات.

أضف تعليق