ساعدونا!”رانية مرجية

ساعدونا!”

المسنون يقضون أوقاتهم, يعودون إلى ماضٍ غاب عن مدينة اللد,يحسبون كل لحظة كل جملة . بيت المسنين في “الواحة الخضراء” يجمع بعضا منهم تحت سقف واحد: طعام ولباس, وغسيل وحكايا عن الماضي والمستقبل. لكن هذه الابتسامة التي ترتسم على وجوههم,مهددة بالاتسحاب, فالمركز يعاني ضائقة مادية تهدده بالاغلاق…. المسنون والمتطوعون يدعون الاهل في كل مكان”لا تجعلوا هذا المكان الجميل يزول بهذه السهولة…

رانية مرجية

حين تجد الشيخوخة من يرعاها ويهتم بشؤونها، ذلك يعطي المسنين إحساسا بالطمأنية المريحة في العالم الذي يحيط بهم، بحيث يروه مكانا آمنا يقضوا به وقتهم، ولعل الزائر للمركز اليومي للمسن العربي في الواحة الخضراء، في اللد ينطبع في ذهنه بأن هناك من يهتم بهذه الشريحة ويكرمها ويشعرهم بقيمتهم بالحياة وينمي بهم روح الابداع والانتماء ويجدد كالنسر شبابهم .

دوام المركز

مديرة المركز مريم زيناتي الوحواح قالت للمدينة إن المركز يفتح أبوابه للمسنين من الساعة الثامنة صباحا حتى الثانية بعد الظهر، ويقدم وجبة الإفطار ويوفر لعم الفعاليات الاجتماعية والصحية و الثقافية والدينية والدورات المهنية مثل الأشغال اليدوية وورشات إبداع للنساء والزراعة للرجال وقريبا سيتم ادخال ورشات الحاسوب والموسيقى والمسرح من خلال متطوعين .

ويقدم المركز خدمه غسيل الملابس .. وتقليم أظافر الايدي والأرجل وصالون تجميل للنساء واخر للرجال، وفي فترة الظهر يوفر لهم اجواء الصلاة ومن ثم تقدم وجبة الغداء الساخنة والشهية والمتنوعة التي تشمل كل مركبات الغذاء السليم، واضافت الوحواح، أنا اعمل ممرضة مؤهلة واتابع الوضع الصحي للمسن أقوم بين وفترة واخرى بإجراء فحص الضغط والسكري لهم، وإذا لزم الأمر يتم نقلهم لطبيب العائلة .

وأضافت الوحواح، يبلغ عدد طاقم العاملين بالمركز10 والعديد من المتطوعين الذين هم بانفسهم مسنين ولدينا 52 مسن مسجلين كنواة ويزورنا منهم 20فقط ,المكان كبير جدا وهو عبارة عن 600 متر مربع باستطاعته خدمة 60 مسنا باليوم ، لكن المكان مهدد بالإغلاق.

وتابعت نحن بحاجة لدعم مادي ومعنوي من رجال الأعمال والمقتدرين والأكثر من هذا بحاجة لمزيد من المسنين، فبذلك لا نحتاج لدعم مادي . وأضافت هناك لقائين أسبوعيا نتحدث فيهما عما ما يجري بالساحة من أحداث سياسية واجتماعية و خصصنا بالشهر الماضي يوما كاملا للنكبة، وأقمنا معرض بالنادي لاشغال يدوية قمن المسنات بتصميمها . وعادة ما يأتي المسنين للمركز عن طريق التأمبن الوطني أو عن طريق مكتب الرفاه الاجتماعي ، والسعر لليوم الواحد يترواح ما بين الـ 15 شاقلا لغاية 94 شاقلا وهذا وحده يشكل عقبة امام المسنين وخاصا لمن لديهم إلتزامات اخرى كشراء الدواء ودفع الارنونا.

منهم وفيهم

رأفت دبسي قال للمدينة” انا احب التطوع، وجئت الى هنا من خلال صديق، كنت بالماضي بمجلس ادارة هذا المركز أعتني هنا بالارض اذا اشعر ان المكان ذخر لكل انسان وخسارة ان يتم اغلاقه، انا وزملائي المسنين نزرع كافة الخضار ونستفيد منها، نهتم بالزهور، واهم من هذا يهمني ان اجتمع باهالي بلدي ونعيد الذكريات ما يهمني اهل بلدي وليس المبنى والتواصل الانساني وجو العائلة، فهذا بيتي الثاني وجميعهم اخواني وخواتي وانا على استعداد لعمل اي شيء للحفاظ على اقاء المكان واستمراه .

من جهته طلب محمد رجب حسونة ان نقدمه كخادم للمسنين رغم انه كان رمزا من قيادات اللد والرملة في ال48 وما زال، وأضاف هؤلاء ليسوا مسنين انهم قدموا جل شبابهم من اجل البلد والحفاظ على التراث والوحدة والقومية العربية من حقهم الان ان يرتاحوا ويجب ان نوفر لهم الحب والراحة النفسية .

نحن بحاجة اليهم ولخبراتهم فهم ضحوا لاجلنا وربوا الاجيال على رفض الاسرلة، واضاف منذ ان تسلمت مريم الوحواح الادارة والامور تتحسن وتزداد محبة والفة، هنا يسترجعون الذكريات لا سيما انهم عايشو النكبه، ويضيف كان باللد قبل ال 48 لي اصدقاء ممن هجروا واذكر ضمنهم عزيز برو رغم انه كان خفيف النظر الا انه كان حكيم وناشط وفعال كان يجول يافا وتل ابيب وكلما اردنا ان نبعث شيئا من اللد ليافا كنت اختاره لأمانته ويوما سألته كيف تصل وكيف تمييز الطرق قال لي جملة بغاية البساطة (إلي ألو لسان ما بضيع) ياه كم افتقد ايام ما قبل ال48.

بيت المحبة

المسنة اعتماد خرينو قالت والبسمة لا تفارقها الله محبة وهنا اشعر بروعة حب الله لنا من خلال المعاملة الخاصة التي نحظى بها يكفي انهم يقومون بخدمتنا من كل قلب، يعلمونا كيف نحب الحياة ونتمسك بها وكيف نعبر عن ذاتنا عن طريق الابداع . واضافت لدينا ادارة متفهمة محبة.

لبيبة ابلاسي كانت تجلس في غرفة المعرض الذي يحتوي الكثير من التحف الورقية والبلاستيكية والرسومات والتطريز التي تمثل المجتمع العربي، وهو بالطبع من ابداعها وابداع المسنات، قالت انا هنا لأساعد، مررت بالكثير من الصعوبات بحياتي وهنا استطعت ان انسى الماضي بمشاكله وبدأت مرحلة جميلة وجديدة عدت بكل شيء لايام الشباب وما كنت امارسه قبل زواجي من اعمال يدوية تسعد القلب وتفتح الذهن ورأيت نفسي اتطوع حبا وطواعيا .

استوقفتنا الفنانة مريم خازقية التي تابعنا لها الكثير من المسلسلات الأردنية في الثمانينات وماقبل وما زالت المسلسلات تعرض على التلفزيون الأردني، زورونا “يما” دائما أنا هنا لاني وحيدة الان، أعيش ببيت لوحدي في الواحة الخضراء هذا المكان ساعدني جدا، أصبت بجلطة دماغية ومع هذا أشارك في الأشغال اليدوية الله يرضى عليهم تضيف ممازحة الا يوجد عريس لي، الشباب شباب القلب كتبت لهم مسرحية للنساء تتحدث عن الكنة والحماة والاحفاد .

وبصورة تلقائية اخترت ان اجلس وسط 4 نساء مسنات وجوههن تشع نورا وايمانا ومحبة عدت معهن الى ما كان عام 48 من احداث واستمعت لذكرياتهم المريرة، ولأحداث ما زالت راسخة في عقولهن ووجدانهن، تردد احدهن بفخر ما أحلى كنيسة الخضر حين تعانق المسجد القديم .

وتذرف دمعة حزينة فتعانقها احدى صديقاتها واشعر اني اريد ان ابقى معهم اكثر واكثر لانهم تاريخ البلد وامهات الرجال والصبر والتحدي، احدهن تعرض علي ان اقوم انا وهي بجولة باللد لتريني بيوت من طردوا منها تحت تهديد السلاح و تضيف حتى بيت جورج حبش لم يسلم منهم بات مجرد خربة، واريد ان تري كيف كنا نطبخ معا على الحطب ووووو …

تاريخنا وعزوتنا

مركزة الفعاليات هناك هناء الخطيب قالت بجملة تحمل كل معاني الحب والوفاء لهن “ستبقين انتن تاريخنا وعزوتنا نختار انا وهناء ان نتحدث بمكتبها المتواضع لتكشف لي مدى تعلقها بالمكان وقالت سبع سنوات وانا اعمل بينهم لدرجة انهم اصبحوا جزءا من روحي، عندما اعود للمنزل افكر فيهم ولا سيما بمن لديها مشكلة انتمي للمكان كثيرا ، اخطأ بين مطبخهم ومطبخي وحدث معي اكثر من مرة اني اشتريت حاجيات لمطبخ المركز بدلا من بيتي والعكس تماما، انا لدي بيتين لا استطيع مجرد التفكير ان المكان مهدد بالاغلاق سيؤثر هذا بصورة سلبية على نفسية المسنات اتذكر انه بالماضي اغلق المكان واثر بصورة سلبية جدا على نفسية احدى المسنات فبقيت تبكي ودخلت جوا من الاكتئاب وابنتها ناضلت حتى عادوا وفتحوه من جديد .

المكان يجب أن يستمر

وقبل أن اودع المكان قال لي أصغر المتطوعين سنا جبر فضة، علينا أن نناضل بكل السبل الشرعية من أجل أن يبقى هذا المكان، فالنضال ليس فقط في المشاركة بمظاهرات إنما النضال ممارسة وحياة وان لا نفرط بحق أبائنا وأمهاتنا وان يرتادوا هذا المكان واضاف، رغم انني متطوع جديد لم يمض على تطوعي الا 6 اشهر الا انني اوجه دعوة للجميع للتطوع لاجل تجنيد اموال من ابناء اللد والرملة المقتدرين وتشجيع مسنين ومسنات على ارتياد هذا المكان.

أضف تعليق